responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 215
بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة العلق
(تسع عشرة آية مكية) زَعَمَ الْمُفَسِّرُونَ: أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ وَقَالَ آخَرُونَ: الْفَاتِحَةُ أَوَّلُ ما نزل ثم سورة العلق.

[سورة العلق (96) : الآيات 1 الى 2]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2)
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ اعْلَمْ أَنَّ فِي الْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: بِاسْمِ رَبِّكَ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَالْمَعْنَى: اقْرَأِ اسْمَ رَبِّكَ، كَمَا قَالَ الْأَخْطَلُ:
هُنَّ الْحَرَائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ ... سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ
وَمَعْنَى اقْرَأِ اسْمَ رَبِّكَ، أَيِ اذْكُرِ اسْمَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنَاهُ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ مَا حَسُنَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، أَيْ لَا أَذْكُرُ اسْمَ رَبِّي وَثَانِيهَا: أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَلِيقُ بِالرَّسُولِ، لِأَنَّهُ مَا كَانَ لَهُ شُغْلٌ سِوَى ذِكْرِ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَشْتَغِلَ بِمَا كَانَ مَشْغُولًا بِهِ أَبَدًا وَثَالِثُهَا: أَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الْبَاءِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: اقْرَأْ أَيِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ، إِذِ الْقِرَاءَةُ لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِيهِ قَالَ تَعَالَى: فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
[الْقِيَامَةِ: 18] وَقَالَ: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ [الْإِسْرَاءِ: 106] وَقَوْلُهُ:
بِاسْمِ رَبِّكَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ بَاسْمِ رَبِّكَ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: اقْرَأِ الْقُرْآنَ مُفْتَتِحًا بِاسْمِ رَبِّكَ أَيْ قُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ ثُمَّ اقْرَأْ، وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ قِرَاءَةُ التَّسْمِيَةِ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ سُورَةٍ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَرَ بِهِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا وَلَا يَبْتَدِئُ بِهَا وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى اقْرَأِ الْقُرْآنَ مُسْتَعِينًا بِاسْمِ رَبِّكَ كَأَنَّهُ يَجْعَلُ الِاسْمَ آلَةً فِيمَا يُحَاوِلُهُ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَنَظِيرُهُ كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ: اقْرَأْ فَقَالَ لَهُ: لَسْتُ بِقَارِئٍ، فَقَالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
أَيِ اسْتَعِنْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَاتَّخِذْهُ آلَةً فِي تَحْصِيلِ هَذَا الَّذِي عَسُرَ عَلَيْكَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أَيِ اجْعَلْ هَذَا الْفِعْلَ لِلَّهِ وَافْعَلْهُ لِأَجْلِهِ كَمَا تَقُولُ: بَنَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ بِاسْمِ الْأَمِيرِ وَصَنَعْتُ هَذَا الْكِتَابَ بِاسْمِ الْوَزِيرِ وَلِأَجْلِهِ، فَإِنَّ الْعِبَادَةَ/ إِذَا صَارَتْ لِلَّهِ تَعَالَى، فَكَيْفَ يَجْتَرِئُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى؟ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَمِرُّ هَذَا

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 32  صفحة : 215
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست